عتمة رحلة في موطن الجمال والتقاء الحضارات


تحتاج إلى مشاريع سياحية ومنتزهات واستراحات
عتمة رحلة في موطن الجمال والتقاء الحضارات ومنبع التاريخ

استطلاع/ حاتم علي

كغيم دافئ يستهل إنسان ذلك المكان قصيدته الأولى ومع بزوغ فجر جديد يناجي همهمة الرعد.. ويهامس ومضات البرق التي تبرق برهة وتختفي حيناً..

هنا في عتمة تبهرك الطبيعة كإبداع كوني.. ويبهرك أيضا صمت المكان إلى حين موعد فقط مع الجمال ولا شيء غيره..

مساحات تلفها الخضرة.. هنا الناس لا يعرفون معنى حاضراً لمفهوم اسمه الصحراء.. نسمات بها من الألفة والسلام رائحة كونية تمد يدها إليك لتقول هيت لك الحب.. فبادل هذه الأرض بمروجها دفء المشاعر لتتجلى في النفس إجابة السؤال أين يعرش الناس مساكنهم في هكذا مكان لا يجد من يقطنون فيه سوى لغة لا تبعث على الحيرة بل يبرز من علو المكان مشهد غائر في عمق التفكير إنه مقدرة ذلك المكان في رفد الطبيعة بكل مناحي الجمال.. فالجبال ببساقتها تلك تطلب الإذن من السحاب في المصافحة وهنا الفارق بين زوايا الأمكنة.. وحيزها..

عتمة التي من خلال رؤيتك لمعالمها التاريخية تبرز إليك رهبة المناجاة لمآثر الأجداد.. فتلك القلاع والحصون التي تحوي حقباً من أرقى أزمنة التاريخ تجسدها بعداً حياً قلعة” الحقيبة” وحصن البعيثي والحصن في زهوه يحمل معلماً يشع منه حجم النضال وفي ذلك الحصن الشيخ العلامة محمد بن عبدالله البعيثي صاحب المعركة المسلحة ضد الوجود العثماني في عموم مناطق عتمة

كلها آنذاك حتى تم طرد آخر جندي عثماني منها, وكانت التسمية لعزلة” بني بعيث” في مخلاف السمل تشير دلالتها إلى ذلك الرجل الذي انتزع النصر ورسمه في ثنايا التاريخ ليصدح أبناء المنطقة بطولة ذلك الرجل الذي أطل من على شرفة التاريخ مناجياً الأرض وليقول البعيثي نبرة العالم المناضل للقادمين الغرباء أليس هذا هو المكان؟؟!!.

شرفة التاريخ

عتمة المحمية الطبيعة الخلابة تشكل الخضرة فيها ما نسبته 90% من المساحة الكلية للمديرية.

وهناك في خفايا الحصون والقلاع في إطار المديرية مشاهد عديدة فعلى سبيل المثال ترى في حصن البعيثي القبر التاريخي للعلامة البعيثي والذي يبلغ طوله قبره حوالي ثلاثة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار أيضا.

وفي عتمة أيضا تخالجك الحصون التاريخية التي تكثر في المنطقة نظراً للقيمة التاريخية فعلى سبيل المثال هناك حصن “الشرم” المعروف بحصن” قردود” على قمة الجبل يضم هذا الحصن حوالي”360″ غرفة بحسب وصف الأهالي وإضافة إلى ثلاثة برك للمياه ومسجد أثري تعلم فيه عدد من الناس إلى وقت قريب العلم والمعرفة ويتخلل ذلك عدد من المدافن التي كانت تعد مخازن للحبوب آنذاك.

اتجه بحسك أرجاء المكان فتجد قلعة بني أسد وقد طاولت المكان.. وبتشكيل الهي ينبع من أعلاها الماء ليخط آمالاً للحاضر ومصنعاً للأجيال القادمة عمق الحياة وطبعاً قلعة بني أسد تضم قصراً قديماً محاطاً بلوازم المبنى القديم من مسجد وبرك وعدد من المدافن.

ومن شرفة التاريخ أيضا نرى شواهد عديدة على امتطاء المكان للقلاع والحصون والتي من بينها أيضاً” الكبيرة” بمخلاف حمير وحصن الشرم وقلعة” معوضة” وحصن الأعمال وعدد هائل من الحصون والقلاع التي شكلت مآثر حميرية بدرجة أساسية الأبرز في معطياتها حضور تلك المعالم لتكون شاهدة على عمق حضاري لأجيال” عتمة” الإنسان والمكان., إنسان بمقياس شموخ اليمن الحبيب الذي مرتعا خصباً للعزة والشموخ يرسل لقادم الأيام أنداء حية من عطر الماضي بجزالة الروح وأحقية البقاء..

الإنسان هنا في محمية عتمة يقهر المستحيل ويوصد أبوابه أمام هذه الخاصية الجافة المسماة محال..

الإنسان العتمي لا يجيد سوى التخاطب مع الصخر والصبر معاً.. يشير بتجاعيد وجهه كإمضاء على التمسك بالمكان من باب العشق والحب.. وفياً هو يشعل بوميضه بعضاً من أطراف الشمس ليناجي المكان مبهراً الحياة كلها.. وطامراً الكسل والتراجع جنباً إلى جنب ترى منزل العتمي يسكن مع النسور لا يعشق إلا القمة فوحدها هي من ترهبها فأسه ومعوله.

يتكئ الفرد من أولئك الناس لينظر إلى الآفاق يمعن في صياغة لحن الأرض.. ليستهل مفرداتها من وحي الطيور ويداعب خصلات النسيم ليضيف للأرض لحن حقول جديد أنغامه الروحية سمواً وعشقاً يبهر الألباب ليصمد في حنايا الأفئدة وما يجعلك مبحراً في التفكير هي تلك الخاصية المجتمعية التي تميز أبناء ذلك المكان في الإصرار على النجاح وامتهان أعمال جديدة بالترفق عندها كونها ترفض الوجوم والهدف الأسمى في هذا أن على الجميع أن يعمل لا أن يستكين للتراجع أو أن يعيش في فترة الانكسار.

يخرج العتمي من قريته وهو يحمل قلباً حاوياً مهج أولئك المودعين ليقول لهم على الحب نلتقي.

الجميع هناك يطلون منازلهم بلون واحد ربما يشترك في فحوى خلاصة قيم الحياة.. انه اللون الأبيض كتلك الروح المشرعة في تعابير المنازل وفي ربطات رؤوس أولئك الذين يداعبون الطين لتدرلهم الأرض النماء والخير.

إطلالة

كواقع حي لا يقبل التأويل فإن مديرية عتمة إحدى مديريات محافظة ذمار مكان سياحي بدرجة أولى ولا منافس له إلا في ما ندر فخصوصية المكان تحمل طابعاً جميلاً من خلال تنوع أطياف الطبيعة فالغيول والعيون والينابيع الطبيعية تزخر بها المنطقة وكنماذج على ذلك ” بني بعيث” التي تضم حوالي 9 ينابيع للمياه كمشهد رباني يجعل الفرد منا يعيد تفكيره لجماليات الرؤية التي يشاهدها إذن هناك تنوع فريد في كل تفاصيل المكان من الحيوانات النادرة والطيور وغيرها من أسباب الدفع السياحي ويبقى المطلوب هو زيادة المساحات الترويجية لهذه المديرية حتى يتسنى للآخرين الإقدام إليها كوفود سياحية تحمل الشوق لمكان كهذا..

بالمقابل أيضا لا بد للجهات الحكومية هناك أن تضع في حسبانها تصوراً لعمل أماكن استراحة القادمين والعمل الجاد أيضا من أجل صناعة السياحة واستقطاب القادمين إلى عتمة مشعل التاريخ ومتكأ الحضارة وبهذا يمكننا الإشارة إلى أن عتمة تنقسم إلى عدة مخاليف منها مخلاف السمل والذي يضم عزل بني بعيث- بني عبد الصمد- وغيرها من العزل ومخلاف رازح والذي يضم أيضا عدداً من العزل منها: بني أسد الطفن وكذلك بني بخر والذي يدخل في إطاره بني الزكري وبني بحر ومخلاف سماة والذي تتفرغ منه عدد من العزل كالميدان وبني الغريب و…و… الخ وأخيرا مخلاف حمير والذي تدخل في تقاسيمه عزلتا المحصن- الحجريدة.

وبهذا تظل مسؤولية الجميع قائمة من أجل التعريف بمناطق اليمن الحبيب كلها لرسم صور جلية تفيد أن وطننا كهذا أثمر الإنسان قاهر المستحيل ومروض المحال في منظومة الحياة قديمها وحاضر اليوم..

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مخاليف وعزل وصاب العالي

نبذة عن وصاب العالي

امثال وحكم شعبية من وصـــــــــــاب